التوبة


(1)

بينما أدور في رحابها عاشقًا متجردًا نقيًا تقيًّا هائمًا ناسكًا متعبدًا
صدمتني فاجعة أزالت الغشاوة من على عيني
فرأيتها جلية حقيقية كما لم أرها من قبل. 
وجدتها تجلس عابسة شاردة في حياة أخرى، غير عابئة بدوراني هائمًا من حولها وأجلها.
فلقد اكتشفت فجأة أنني قد أهدرت كثيرًا من طاقتي ومشاعري وأحلامي ووقتي سدى
كمن يحرث في الماء أو ينفخ في قربة مقطوعة. 
لما استفقت من هفوتي وجدتني قد تهت بعيدًا عن مسار أحلامي وطموحاتي
شاردًا عن ذاتي وكياني. فعشقي لها جعلني أخنق أحلامي وطموحي
من أجل أن أرضي طموحها وأحلامها، ويا ليتها رضت.
فرغم عشقي لها بكل ولع ونهم، إلا أنها لم تحب ولم تلتاع، ولم تصل.
فأحدثت بعدم وصلي فجوة تسرب منها الحب ببطء إلي نفدت طاقتي قبل أن ينفد حبي، ولكنه نفد.
(2)
بحثت لديها عن ضمادات تقاوم ذلك النزيف ولم أجد.
بدأت مشاعري تذبل، ودمي يتلوث، وملامحي تتبدل، وروحى تصعد، وأنا أتقطع.
وهى تنظر لي غير مبالية، مستمرة في تكبرها وعنادها حتى مت. 
لم أدر حينها إن كنت قد مت عشقًا أم مت مللاً.
ولكن مع أنفاسي الأخيرة كنت أدرك أن روحى سوف ترد إلي مرة أخرى
لأجد نفسي إنسانًا جديدًا ذا روح وقلب وعقل وجسد غير مثخنين بالجراح.
فأنا لم أك يوما باغيا أو فاشيا أو صاحب نزوات عنترية.
إنما كنت ولا زلت أبحث عن تلك الأرض الطيبة التي أرويها حبًا وإخلاصًا فترويني دفئًا وسلاما.

تعليقات