(1)
مناجاة
في ليلة رأس سنة بائسة أفسدتها (هي) بتمردها
وعنادها كما لم تتمرد من قبل بكل جفاء وصلادة، سرتُ تلك الأمتار القليلة مترجلاً
إلى ميدان الحسين في وسط (القاهرة) القريب من موقعي، فوجدت الميدان مكتظاً بالبشر
من كل فئة ولون، أتوا مبتهجين بالعام الجديد، يعلوهم ضبابُ الأدخنة المختلفة، ذات
الألوان والروائح الممتزجة، وسط ضجيج من المهللين والمغنيين والمدندنين على أوتار
الأعواد وصاجات الرق، وهم محاطون بنظرات جائعة وطامعة من بعض الشحاذين والباعة
الجائلين.
تجاهلتُ كلّ ذلك وذهبتُ للمكان الذي أتي من أجله
كلُّ هؤلاء، إنه مسجد (الإمام الحسين) بالقاهرة، وبعد محاولاتٍ ونقاشاتٍ مع حارس
المسجد الذي أغلقه بعد انتهاء صلاة العشاء، نجحت في الولوج إلى المسجد ألتمس بعضاً
من السلام النفسي والطمأنينة المفتقدة بالخارج.
كم أحتاجُ
إلى تلك اللحظات الصافية بعد كل هذا الصراع الخارجي والداخلي الذي أخوضه!
وقفت
فى محراب المسجد بين يدي الله خاشعاً مصلياً، سجدت لله ودعوته متضرعاً بكل ما فى
جوفى وقلبى حدَّ البكاء، فأحياناً يكون البكاء مريحاً للنفس والقلب، والله هو
الوحيد العالم بأحوالنا، وها أنا أدعوه أن يصلحه لي، والدعاء كالفضفضة، ولا يوجد
من هو أقرب إلى المرء من الله، كي أبوح له بكل ما لدي، فإنه قريب سميع مجيب دعوة
الداعي إذا دعاه، وها أنا أدعوه عساه يتقبل.
(2) البشارة
خرجتُ من المسجد بعد المُناجاه، وأسرعتُ الخطى تجاه
منزلى الذي يبعد عن (ميدان الحسين) حوالي 15 كيلو متر، مترجلاً رافضا عشرات
الدعوات من السائقين لإيصالي، فأحياناً يكون في المشي تفريغاً للطاقة وترويحاً عن النفس.
سرتُ فى الطرقات والشوارع والميادين، حتى شاهدتُ
مشهدًا غريبًا لبالونة بيضاء جميلة تتقافز على الأرض بين إطارات السيارات
والحافلات والدراجات المسرعة، والبالونة غير عابئة إلا بهدفها وقبلتها. فوقفت أنظر
لها باستغراب منتظرا أن تنفجر وتتلاشى إثر دهسها تحت أحد الإطارات الطائشة، لكنى
وجدتها تقفز وتتفادى الجميع مسرعة بكل رشاقة وخفة، وكأن هناك أحدٌ يحركها بجهاز
تحكم عن بعد، حتى وصلت إليَّ مستكينة تحتَ قدميّ.
انحنيت والتقطتها في بساطة ثم قبلتها قبل أن أتأبطها،
مكملاً بها طريقى، عائداً بها إلى البيت في تلك الليلة الشتوية الطويلة، وأنا
أبتسم من إرادة الله ورزقه، الذي لم يشأ لي أن أستقبل العام الجديد بكل هذا البؤس
والعبء النفسي الثقيل، فها هى بشارة الله وأمارته بالرزق الجديد القادم.
(1)
مناجاة
في ليلة رأس سنة بائسة أفسدتها (هي) بتمردها
وعنادها كما لم تتمرد من قبل بكل جفاء وصلادة، سرتُ تلك الأمتار القليلة مترجلاً
إلى ميدان الحسين في وسط (القاهرة) القريب من موقعي، فوجدت الميدان مكتظاً بالبشر
من كل فئة ولون، أتوا مبتهجين بالعام الجديد، يعلوهم ضبابُ الأدخنة المختلفة، ذات
الألوان والروائح الممتزجة، وسط ضجيج من المهللين والمغنيين والمدندنين على أوتار
الأعواد وصاجات الرق، وهم محاطون بنظرات جائعة وطامعة من بعض الشحاذين والباعة
الجائلين.
تجاهلتُ كلّ ذلك وذهبتُ للمكان الذي أتي من أجله
كلُّ هؤلاء، إنه مسجد (الإمام الحسين) بالقاهرة، وبعد محاولاتٍ ونقاشاتٍ مع حارس
المسجد الذي أغلقه بعد انتهاء صلاة العشاء، نجحت في الولوج إلى المسجد ألتمس بعضاً
من السلام النفسي والطمأنينة المفتقدة بالخارج.
كم أحتاجُ
إلى تلك اللحظات الصافية بعد كل هذا الصراع الخارجي والداخلي الذي أخوضه!
وقفت
فى محراب المسجد بين يدي الله خاشعاً مصلياً، سجدت لله ودعوته متضرعاً بكل ما فى
جوفى وقلبى حدَّ البكاء، فأحياناً يكون البكاء مريحاً للنفس والقلب، والله هو
الوحيد العالم بأحوالنا، وها أنا أدعوه أن يصلحه لي، والدعاء كالفضفضة، ولا يوجد
من هو أقرب إلى المرء من الله، كي أبوح له بكل ما لدي، فإنه قريب سميع مجيب دعوة
الداعي إذا دعاه، وها أنا أدعوه عساه يتقبل.
(2) البشارة
خرجتُ من المسجد بعد المُناجاه، وأسرعتُ الخطى تجاه
منزلى الذي يبعد عن (ميدان الحسين) حوالي 15 كيلو متر، مترجلاً رافضا عشرات
الدعوات من السائقين لإيصالي، فأحياناً يكون في المشي تفريغاً للطاقة وترويحاً عن النفس.
سرتُ فى الطرقات والشوارع والميادين، حتى شاهدتُ
مشهدًا غريبًا لبالونة بيضاء جميلة تتقافز على الأرض بين إطارات السيارات
والحافلات والدراجات المسرعة، والبالونة غير عابئة إلا بهدفها وقبلتها. فوقفت أنظر
لها باستغراب منتظرا أن تنفجر وتتلاشى إثر دهسها تحت أحد الإطارات الطائشة، لكنى
وجدتها تقفز وتتفادى الجميع مسرعة بكل رشاقة وخفة، وكأن هناك أحدٌ يحركها بجهاز
تحكم عن بعد، حتى وصلت إليَّ مستكينة تحتَ قدميّ.
انحنيت والتقطتها في بساطة ثم قبلتها قبل أن أتأبطها،
مكملاً بها طريقى، عائداً بها إلى البيت في تلك الليلة الشتوية الطويلة، وأنا
أبتسم من إرادة الله ورزقه، الذي لم يشأ لي أن أستقبل العام الجديد بكل هذا البؤس
والعبء النفسي الثقيل، فها هى بشارة الله وأمارته بالرزق الجديد القادم.
تعليقات
إرسال تعليق